للإشتراك بالقائمة البريدية,ضع بريدك هنا :

الكتب المفضلة

- طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
المؤلف : عبد الرحمن الكواكبي
- أم القرى
المؤلف : عبد الرحمن الكواكبي
- الإنسان ذلك المجهول
المؤلف : ألكسيس كاريل
- قصة الحضارة
المؤلف : ويل ديورانت
- تاريخ موجز للزمن
المؤلف : ستيفن هوكنج
- شروط النهضة
المؤلف : مالك بن نبي
- المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل
المؤلف : محمد حسنين هيكل
- اختلاف المنظر النجمي
المؤلف : الان هيرشفيلد
- الاعمال الكاملة
المؤلف : المنفلوطي
- المقدمة
المؤلف : ابن خلدون

..... لقراءة البقية

لتحميل كتاب الغرباء

تحميل كتاب مفاهيم في الإدارة

تحميل كتاب : كيف تقرأ؟ كيف تكتب ؟

المواضيع الاخيرة

المتابعون

QR Code

qrcode

الأزمة تهز الأعمدة

الصورة من إضراب العاملين في أمازون

يمر اليوم ثلاثة أشهر على بداية انتشار فيروس كورونا، ويبدو أن عدد المصابين سيصل الليلة إلى مليون مصاب حول العالم، فيما تقترب الوفيات من خمسين ألف وفاة، وبما أننا مازلنا في منتصف الطريق فقد كثرت التنبوءات عن الآثار التي ستنجم عن هذا الحدث العالمي، بين من يعتبر أن كورونا سيكون حدث عالمي مفصلي كتوماس فريدمان الذي عبر عن هذا الرأي بمقالة بعنوان: "التقسيم التاريخي الجديد، BC و AC سيعني ما قبل كورونا وما بعدها"، وبين من يعتبر أن الأثار لن تكون ذات أهمية تذكر، أو قد تكون آثار اقتصادية سرعان ما يتجاوزها العالم ما إن تدور عجلة الانتاج من جديد.
لن أحاول هنا التنبوء بالآثار التي ستنجم عن هذا الوباء، لأن أول دروس هذه الأزمة أن  محاولة التنبوء هي محض عبث، ولن أدقق في آليات تعامل الحكومات لدرء خطره، ولكني سأسعى إلى التركيز على الأمور التي وضعتها الأزمة على المحك، وما قد ينجم عن هذا الاختبار من نتائج.
وفي ظني فإن ثلاثة أعمدة أساسية تقوم عليها المجتمعات الحديثة قد تعرضت لهزة قوية، حتى أصبحت موضع شك وتساؤل، وهذه الأعمدة هي: العولمة، الرأسمالية، والديموقراطية.


العولمة

يبدو أن سقوط جدار برلين لم يكن سقوط جدار واحد، وإنما منذ تلك اللحظة بدأت تتساقط حدود كثيرة، وبدا وكأن عالم القطبين قد انتهى وانتهى معه التاريخ، لتبدأ صفحة جديدة، حيث يتجه العالم جميعه إلى الأمام في مسيرة مستمرة من النمو والرخاء متبعاً آثار خطوات قيادته الأمريكية، لكن ذلك لم يدم طويلاً ففي بداية العقد الأول من القرن الحالي كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مما وضع بعض علامات الاستفهام حول إمكانية تحقق تلك التنبؤات، ورغم قوة الصدمة التي حدثت في الشرق والغرب بعد تلك الأحداث، إلا أن العالم تابع مسيرته بعد تردد قصير. وقد عمل البث الفضائي وظهور الشركات متعددة الجنسيات، وزيادة النشاط التجاري العالمي، ثم ظهور الإنترنت، والأجهزة المحمولة، كل ذلك أدى بنا إلى أننا نعيش اليوم في عالم معلوم كما لم يكن أبداً في السابق.
وكان يبدو للجميع أن هذا هو الاتجاه الرئيسي للمستقبل، ما لم يقاطع ذلك حدث عالمي ضخم، ولست أزعم أن هذا الحدث هو ما يحدث في العالم اليوم، لكن الأزمة ما إن بدأت حتى ظهر العالم بكل قواه ومنظماته بشكل هش أكثر مما كنا نتخيل، فطفقت الحكومات تحاول جاهدة أن تحتفظ بما تملك من وسائل لمواجهة هذا الداء، بل وصل الأمر في بعض الحالات للسطو على معدات تعود لدول أخرى لمجرد تواجد هذه المعدات على أراضيها أثناء اندلاع الأزمة، بل تعدى الأمر إلى داخل تحالفات واتحادات قوية كالاتحاد الأوروبي، الذي اشتكى ممثلوه من الإجراءات التي تتبعها الدول منفردة، وهذا يحيلنا إلى موضوع آخر وهو موضوع المنظمات الدولية، حيث كانت منظمة الصحة العالمية محط نقد، وخصوصاً من الإدارة الأمريكية، مما دفعها لقطع التمويل الامريكي للمنظمة، وهو جزء رئيسي ومهم جداً من تمويلها، كما أنها قد تضطر للإنسحاب من منظمة التجارة العالمية. وقد ظهرت الانعكاسات السياسية للأزمة بشكل واضح في تصريح جوسيب بوريل، رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، حيث قال: " إن أوروبا يجب أن تدرك أن هناك مكوناً جيوسياسياً للأزمة، بما في ذلك الصراع من أجل النفوذ من خلال الغزل وسياسية الكرم" وهو يلمح بذلك لسلوك الصين مع بعض البلدان في القارة.
أضف إلى ذلك أنه حتى في بداية الأزمة عندما كان الأمر يقتصر على الصين وحدها، فقد بدأت الآثار تضرب قبل أن يضرب الفيروس، فما إن توقفت المصانع هناك حتى بدأت مصانع أخرى تتأثر لأنها تعتمد في تصنيعها بشكل أو بآخر على ما تنتجه تلك المصانع من مواد أولية، فقد انخفض الإنتاج العالمي من أجهزة الكمبيوتر المحمل خلال شهر فبراير بنسبة 50%، وعندما وصل الأمر إلى إيطاليا بدأت صناعة السيارات في أوروبا كلها بالقلق على إنتاجها لأن أحد مصانع الإلكترونيات قد توقف في إيطاليا عن العمل ما قد يسبب تعطل لكامل الإنتاج. لقد أصبح العالم مترابطاً بشكل يتعذر حتى تصوره.


الرأسمالية

الأمر الفريد في هذه الأزمة، والذي يميزها عن أي أزمة أو حرب هو أن الوباء والموت لن يتوقف حتى تتوقف الحياة، على الأقل بشكل مؤقت، وهذا الأمر ولد لنا أزمة مزدوجة، أزمة الوباء من جهة، والأزمة الاقتصادية من جهة أخرى، وفي الأيام القليلة الماضية أصبحت الأزمة الاقتصادية مخيفة أكثر من الأزمة الأصلية، فقد وصلت أسعار بعض عقود النفط الأمريكية إلى سالب 37 دولار، فيما تتراوح اسعار النفط الخام الآن حوالي 20 دولار للبرميل، وعلى الرغم من اتفاق أوبك + على تخفيض الانتاج ب 10 مليون برميل يومياً، إلا أن السوق لم يستجب وبقيت الأسعار كما هي. وقد انعكس هذا الواقع على جوانب كثيرة في الوضع الاقتصادي العالمي، فزادت نسبة البطالة بشكل هائل، حيث قفزت مطالبات دعم البطالة في الولايات المتحدة من حوالي 300 ألف طلب إلى أكثر من 26.4 مليون طلب خلال أسابيع قليلة، وهذا الرقم  مازال مرشح للزيادة. 
عندما تزداد معدلات البطالة من الطبيعي أن يلجأ الإنسان إلى تقليص مصروفاته، والتوقف عن أي مصروفات غير الاحتياجات الضرورية، وقد ولد هذا الوضع انخفاض الطلب على كثير من المنتجات في السوق، مما دفع الشركات إلى تخفيض العاملين فيها، وهذا ما يضاعف مشكلة البطالة، وكلما زادت قل الطلب فتزيد البطالة أكثر فيقل الطلب أكثر، وهذا الوضع الكارثي دفع الإدارة الأمريكية للتصريح بأنها ستصرف شيكات بمبلغ ألف دولار لكل مواطن، لتحفيز عجلة الاقتصاد التي إن توقفت فسيكون إعادة تشغيلها مكلف للغاية، فمتى ما دخلنا في الركود فلا يمكن لأحد التنبوء متى يمكن الخروج منه.
على جانب آخر لا يحب علم الاقتصاد التعامل مع الجمهور القلق، لإنه لا يمكن معرفة السلوك الذي سيتبعه، لأن سلوك المستهلك أمر في غاية الأهمية وهو الذي يحدد نقطة التوازن بين العرض والطلب، وقد يقفز الطلب بشكل غير معقول بسبب إشاعة، أو لتحقيق مكاسب ما، فقد شهدت كثير من الدول هذا التذبذب في الطلب على بعض المواد بعينها، كالمناديل الورقية أو البصل أو البيض، رغم أن هذه المواد ليست مواد أساسية، وقد صرح وزير التجارة في المملكة أن الطلب على البيض قد ارتفع بشكل مهول بلا سبب واضح رغم وفرة المعروض بما يغطي السوق بشكل كافي، وقد عزا ذلك إلى أن الذي تغير هو "سلوك المستهلك"، وفي بريطانيا صرحت الحكومة بأنها ترجو من المتسوقين عدم تخزين الأطعمة والتحلي بالمسؤولية. 
في السنوات الأخيرة سادت أفكار "الليبرالية الجديدة" التي بالسوق الحر والخصخصة، وقد كانت هذه الأفكار في صعود حتى أتت هذه الأزمة الأخيرة، وتبين للعالم - في ظني - أن الاقتصاد ليس بخير، وأن أسلوب الإدارة في زمن الازدهار يختلف عنه في زمن الأزمة، رغم أن أفكار الليبرالية الجديدة حتى في زمن الازدهار هي موضع نقاش طويل. 
لرأس المال قبلة وحيدة هي "الربح"، وهو لن يتوجه لأي قبلة أخرى في أي ظرف كان، لأن الخسارة تعني القضاء عليه، لذا يصعب جداً أن تجد أن رأس المال يستجيب لأي نداء أخلاقي في أزمة ما، بل على العكس، فقد يجد الأزمة فرصة مناسبة لمزيد من الربح، ومن هنا كان لابد على الحكومات في كل دول العالم أن تتدخل بشكل فعال وملموس في التحكم بالجوانب الاقتصادية ومراقبتها عن قرب، وهو إجراء ما كان ليتم في ظروف أخرى. فمثلاً فعل ترامب قانون الإنتاج الدفاعي لإجبار شركة جنرال موتورز على صنع أجهزة التنفس الصناعي بعد تلكوء الشركة في الاستجابة لطلبه، كما أنه تدخل إلى جانب شركة بوينغ التي تعاني كما كل شركات الطيران، لكنه قال : "لن ندع بوينغ تنهار، علينا أن نساعدهم مؤقتاً، لن يكون لفترة طويلة، وسيدفعون فائدة، ومن المرجح أن يعطوا أسهماً في شركتهم لشعبنا، لدافعي الضرائب في بلدنا، لمواطنينا" إذاً فالسوق الحر، هو حر ما دام صاعداً، لكنه عبد ذليل إذا انخفض. 
من جهة أخرى نجد أن صندوق النقد يحذر من ركود وأزمة أسوأ من أزمة 2008 م ويؤكد استعداده لاستخدام قدراته لدعم الأعضاء لمواجهة الأزمة الاقتصادية المقبلة، التي يبدو أنه يستبشر بها أكثر مما يحذر منها.


الديموقراطية

ترتبط الديمواقراطية برباط مباشر بالاقتصاد، فالإنسان الجائع أو الخائف، أو كليهما كما قد يحدث لو استمر الحال لا سمح الله، هذا الإنسان يقبل جميع الخيارات، وهو سيكون مستعداً تماماً لقبول ديكتاتورية تطعمه وتحميه، خير من ديموقراطية تأخذ صوته ولا تعطيه شيئاً، وفي ظني فقد كانت الأنظمة المركزية أكثر نجاحاً في مواجهة الأزمة، وقد ربط بعض الباحثين بين نجاح الصين وفشل أمريكا واختلاف نظم الإدارة بين هذين البلدين، فالصين تسيطر على كل شيء ويمكنها فعل أي شيء تقرره، في حين أن الإدارة الأمريكية مقيدة بكثير من القيود، وقد ظهر بوضوح خلاف بين الإدارة الفيدرالية وبين بعض حاكمي الولايات، كما حدث بين ترامب وحاكم نيويورك، كما أنها مقبلة على انتخابات، وفشل ترامب قد يسعد الحزب الديموقراطي لأنه سيعني نجاح مرشحهم بسهولة، رغم أنهم لن يقفوا ضد الإدارة في ظرف كهذا لكنهم قد لا يتعاونون كثيراً أو سيسلطون الضوء بوضوح على جوانب القصور والفشل، كما أن الإعلام هناك لديه حسابات مختلفة.
حصل رئيس وزراء هنغاريا على صلاحيات كبيرة أثناء الأزمة، وقد أثار هذا الأمر كثير من الجدل، واتهمته كثير من الصحف بأنه يسعى لبناء ديكتاتورية على  النمط "البوتيني" في قلب أوروبا، وسواء كان ذلك صحيحاً أم لا فإن الديموقراطية هي الأخرى تواجه مشكلة، ففي مقالة نشرها بول كروغمان في نيويورك تايمز بعنوان " الديموقراطية الأمريكية قد تكون في النزع الأخير" قال: " في النهاية سنجلي الوباء، وسيتعافى الاقتصاد، لكننا متى ما فقدنا ديموقراطيتنا، فإنها لن تعود أبداً، ونحن اليوم أقرب لخسارة ديموقراطيتنا مما يظن كثير من الناس"
يضاف إلى هذا أن الناس أصبحوا أكثر عدوانية، وأكثر إلتصاقاً بالسلطة، و كثرت بشكل واضح حالات الابلاغ عن أي مخالفة حتى لو كان ذلك لمجرد الظن، كما ارتفع الشعور الوطني والقومي، وزادت نسب العنصرية تجاه الأشخاص ذوي الملامح الأسيوية، ثم ويال السخرية، شهدت الصين في الأيام الماضية حالات عنصرية تجاه المهاجرين الأفارقة، مما تسبب ببعض المشاكل للمهاجرين الصينيين في أفريقيا بعد انتشار مقاطع مصورة وتقارير صحفية عما حدث في الصين

في النهاية، أنا لا أقول أن هذا الوباء سيغير العالم بين ليلة وضحاها، ولكنه بين للجميع أن عالمنا ليس بالتماسك المزعوم في كثير من نواحيه، وأننا لا نملك حلول كل شيء، وأن هذا العالم الذي نعيش فيه، هو الذي لديه اليد العليا، وأننا لا نتحكم به، بل هو الذي يتحكم بنا، هذا العالم بالطبع ليس هو أفضل العوالم الممكنة.




0 التعليقات:

إرسال تعليق

من أنا ؟!

صورتي
shalan
عندما أعرف سأخبركم !
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

آخر التغريدات من تويتر

ارشيف المدونة

مدونة محطات سابقاً

المشاركات الشائعة

للتواصل