للإشتراك بالقائمة البريدية,ضع بريدك هنا :

الكتب المفضلة

- طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
المؤلف : عبد الرحمن الكواكبي
- أم القرى
المؤلف : عبد الرحمن الكواكبي
- الإنسان ذلك المجهول
المؤلف : ألكسيس كاريل
- قصة الحضارة
المؤلف : ويل ديورانت
- تاريخ موجز للزمن
المؤلف : ستيفن هوكنج
- شروط النهضة
المؤلف : مالك بن نبي
- المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل
المؤلف : محمد حسنين هيكل
- اختلاف المنظر النجمي
المؤلف : الان هيرشفيلد
- الاعمال الكاملة
المؤلف : المنفلوطي
- المقدمة
المؤلف : ابن خلدون

..... لقراءة البقية

لتحميل كتاب الغرباء

تحميل كتاب مفاهيم في الإدارة

تحميل كتاب : كيف تقرأ؟ كيف تكتب ؟

المواضيع الاخيرة

المتابعون

QR Code

qrcode

حياة باي, حياة كل إنسان


 - اضغط على اي صورة لمشاهدتها بالحجم الكامل


فيلم حياة باي, فيلم مميز جداً بحكايته ورموزه المبثوثة بين طياته بكثافة كبيرة, اضافة الى التصوير العالي الجودة ومؤثرات الجرافكس الساحرة, لكن ما يعنينا هنا هو العمق الذي تفتقده غالبية اعمال السينما التي يغلب عليها الاثارة والعنف لاجتذاب المشاهدين الذكور, او القصص العاطفية والدراما لاجتذاب المشاهدين من النساء.
اما هذا الفيلم فقد اتخذ منحى مختلف في تناول مشاكل انسانية فلسفية عن الاخلاق و الحياة والالوهية...وغيرها.
يبدأ الفيلم عن طفل صغير اسمه (باي)* في الهند, بلد العجائب والآلهه, حيث ينشأ في حديقة حيوانات ضخمة, وهو بين هذه الحيوانات "كالانسان" الطبيعي الذي بدأ مسيرته في هذا العالم من جنة سماوية ثم إلى جنة أرضية,ينشأ في أسره هندوسية لأم متدينة وأب يبدو ملحداً يرى أن " الدين ظلمات " كما يقول, يبدأ هذا الطفل البريء في التعرف على الآلهه الهندوسية, وتقوده الصدفة يوماً الى دخول كنيسة ومنها يبدأ بحب المسيح عليه السلام, ثم تقوده صدفة أخرى الى مسجد فيتعرف على الاسلام ويصلي صلاته, ألا أنه ورغم اعتناقه لهذه الاديان على التوالي الا انه لم يتخلى عن دين ليعتنق الاخر, فهو يرى أن كل إله يقوده ليعرفه على الآخر, والتي هي في النهاية تمثل الحقيقة من زوايا مختلفة او كما يقول :الايمان منزل متعدد الغرف, وهذا ما لا يراه والده الذي يقول: ان الايمان بأديان متعددة في وقت واحد هو كعدم الايمان بشيء, الا ان باي يستمر بالبحث ولن يتوقف كما يقول عن نفسه :كبرت مشغول البال باحثاً عن شيء يجلب لحياتي معنى

لاحقاً يلتقي باي بالنمر ريتشارد باركر, وهذا النمر الذي اتخذ اسم الرجل الذي اصطاده, في حين اصبح اسم الصياد (عطشان) وهذه رغم انها جاءت صدفة إلا أنها تحمل معنى اكبر
يغضب الاب كثيراً لاقتراب باي من النمر, ويخاف عليه, ثم يأتي بمعزاة صغيرة ليريه ماذا يمكن لهذا النمر أن يفعل ! 
يضطر باي واهله الى الهجرة الى كندا بسبب الضروف الاقتصادية حاملين معهم حيواناتهم, واثناء رحلتهم تضربهم عاصفة رعدية قوية وينجو باي بينما يغرق اهله, لانه خرج الى اعلى السفينة ليشاهد البرق رغم نصيحة أخوه: لا تخاطر في عاصفة يا باي. وهنا تبدأ الاحداث الحقيقية للقصة فكل ماسبق كان تمهيداً لها.
وبعد ان تهدأ العاصفة يجد باي نفسه في عرض المحيط مع حمار وحشي وضبع وقرد والنمر الذي حاول اخراجه من القارب لكنه لم يتمكن من ذلك.وبسبب الجوع وبعد ساعات طويلة وحيدين في القارب يقوم الضبع لافتراس الحمار الجريح,وفي اثناء الجلبة يقوم باي بالصراخ: لا لا
ولكن الحيوانات لا تعرف شيء اسمه تعاطف فعندما تجوع يأكل بعضها البعض الاخر, الا ان باي كإنسان لا يمكنه الا يستنكر ذلك, ويقف على طرف القارب صارخاً, في حين يأكل الحيوانات بعضها الى الطرف الاخر

 
 يتم الضبع مهمته لينتقل لاحقاً لقتل القرد,ويحاول باي في ثورة غضب ان يقتل الضبع الا ان ظهور النمر الذي كان مختبئ كان كفيلاً بقتله ورميه من القارب.
هذه اللحظة كانت مفصلية بالنسبة لي, كيف يقف الانسان وحدة على طرف قصي في المملكة الحيوانية, وهو الوحيد الذي يتمتع بوازع اخلاقي. هنا يظهر مفهوم الاخلاق ومدى تمكنها من فطرة الانسان, الا ان هذه الاخلاق ان ووجهت بقوة شريرة كافية فهي قد ترتد وتتراجع, ويظهر في الانسان الجانب الحيواني الشرس
ورغم كل هذه الظروف السيئة الا ان باي لم يفقد الأمل, بل أكثر من ذلك فهو لم يفقد الحس الديني, فيردد:
يارب
أسلمتك نفسي
أنا عبدك
مهما سيجري, أريد معرفته 
أرني !
يضطر بعدها باي للتعايش مع "ريتشارد باركر" فيطعمه كي لا يفترسه,لكن في لحظة يقفز بها النمر الى الماء ويصعد باي الى القارب فيصبح النمر في موقع ضعف وتأتي الفرصة لباي لقتله والتخلص منه, فيحمل الفأس ثم...

 لا يتمكن من ذلك, فقلبه البشري لم يقو على قتل هذا الحيوان الذي لا حول له ولا قوة, بل يساعده على الصعود للقارب ثم يركب هو على الطوف الذي صنعه, لكنهم في عرض البحر, فيجب عليهم ان يصطادوا ليبقوا احياء, وهكذا يصطاد سمكة ملونة ويضربها بالفأس حتى اذا ماتت تحولت الى لون شاحب مخيف, فيبكي عليها بشدة, ويتلو من أجلها الصلاة. هكذا يرتبط بقاء البشر بالافتراس, ويرتبط الافتراس بالصلاة ! منذ خلق البشر في هذا العالم كان للصيد طقوس دينية,الا في عصرنا اصبح الصيد نوع من التسلية, ولا ادري حقيقة لما نترفع على القبائل المتوحشة في هذا الموضوع.
 وفي لحظة من "هبة إلهيه" تأتي اسماك طائرة ومعها سمكة كبيرة الى داخل المركب فيتقاتل باي مع النمر على هذه السمكة قتال شديد

 فيتغلب الانسان على الحيوان ويفوز بها باي, وينتقل ذاك الانسان النباتي البريء الذي لا يأكل اللحم اطلاقاً الى آكل للحم النيء بعد قتال شرس مع حيوان آخر

 هكذا تفرض الحياة علينا احيانا اتباعها, كما قالها باي: الجوع قادر على تغيير كل شيء تعرفه عن نفسك !
 رغم كل شيء فلم يك وجود النمر في هذه الظروف الصعبة أمر سيء بشكل كامل, فقد كان وجوده يحمل جانباً ايجابيا, وعلى لسان باي: 
وجود ريتشارد باركر يشعرني بالطمأنينة,لولاه لكنت مت,خوفي منه يبقيني يقظاً, تلبية حاجاته تعطي لحياتي معنى !
ويعرف هذا الامر جيداً من كان يعاني من ظروف سيئة ثم تختفي هذه الظروف كيف يشعر بالحزن وكأنه يتألم على ظروفه التي كان يتألم منها,لكن في حالة باي فالظروف لم تزدد إلا سوءاً, فقد جاءت عاصفة كبيرة لتعصف بالمركب الصغير وبمن فيه, فاختبأ النمر في الاسفل, وفي هذه الاثناء رأى باي نوراً يهبط من السماء, ورغم صعوبة الموقف وخطورته فقد غلبت العاطفة الدينية لديه غريزة الحياة,فأخذ يصرخ بشيء من سورة الفاتحة !
واخذ يصرخ بالنمر للخروج من مخبأه
عليك مشاهدة هذا, انه جميل !
 لا تختبئ , لقد جاء لاجلنا
 انها معجزة, اخرج لترى الرب ياريتشارد باركر !
 لكن النمر لم يهتم لكل هذا فكل مايشغله هو الحفاظ على حياته, وعندما رأى باي ذلك انقلب شوقه للرب الى غضب وسخط: يا إلهي لقد فقدت عائلتي,وخسرت كل شيء, انا استسلم, ماذا تريد أكثر من ذلك ؟!
 وبعد ان انتهت العاصفة, وخارت قوى الاثنين, ورأى باي أن الموت اصبح قريباً, فاستعد لقرب لقاء اهله, واستسلم حقيقة لا قولاً واذا بالاقدار تعاكس ظنه و تسوقه الى جزيرة فيها الماء والغذاء, ليسترد الاثنان شيء من قوتهم, لكن هذه الجزيرة, كانت وكأنها مسحورة,فهي بالنهار خضراء معطاء, وبالليل قاتلة مخيفة, ومما لفت نظري ان هذه الجزيرة الملعونة كانت على هيئة انسان ! كما ترون

 ولا ادري حقيقة المعنى الخفي لهذا التصوير,هل يسلب الانسان بيد ما يعطيه بالاخرى, ام غير ذلك؟
لكني اميل الى ان المقصود ان الانسان في بحثه الروحي, يجب ان يحذر من جسده, فمن يبقى حبيس الجسد, لن يخرج منه ابداً سيموت ويتحلل بلا ان يصل لنتيجة في الحياة, الجسد رغم كل مايحويه من متع الا انها لحظية تعطيك بيد وتسلبك بأخرى,لا ارى شيء اخطر على روح الانسان من جسده! فليحذر من جسده ان يفترسه

هكذا يرفض باي الاستقرار بهذه الجزيرة المفترسة,وبالطبع فإنه لن يغادر وحيداً بل لابد لريتشارد باركر ان يرافقه حتى النهاية,يقول باي:
 حتى عندما ظننت ان الرب تخلى عني, كان يرعاني
 حتى عندما ظننته لا مبالي بمعاناتي, كان يرعاني
 وعندما يأست من النجاة, اعطاني شيء من الراحة
 ثم منحني علامة كي استمر برحلتي

 ثم ماهي الا رحلة قصيرة حتى وصل الى شاطئ المكسيك,فكان يخاف من الغرق حتى واقدامه تلامس ارض الساحل,وسقط مغشياً عليه على الرمال الدافئة التي يقول عنها: كانت دافئة وناعمة,كأنني اضع وجهي على وجنة الرب, وفي مكان ما, هناك عينان ابتسمتا لنجاتي
 لكنه يصل وكأنه جثة هامدة, لقد اتعبته الرحلة, ومن الذي لا يتعب من هكذا رحلة,لكنه في النهاية وجد المعنى الذي يستحق المخاطرة
 لكن الالم الاكبر الذي بقي في نفس باي, هو عدم وداع ريتشارد باركر له ,حيث انطلق الى الغابة, فهو يرى ان فقد كل شيء تقريباً لكن اكثر شيء ألماً هو أن لا تكون هناك لحظة وداع
 رغم كل المعاني المدفونة بين طيات هذا الفيلم, الا ان باي يفاجئنا بالقول أخيراً: لو ان هذا جرى فقد جرى, لما يجب أن يعني شيئاً؟!
 اخيرا قد تفسر القصة بشكل ثاني مختلف تماما,لإني طوال الفيلم لم استطع ان امنع نفسي من التفكير ان النمر يمثل الجانب الحيواني او الشرير في نفوسنا, الذي يختفي ويبرز, يضعف ويشتد, حتى توحد اخيراً كل من النمر وباي عندما روى الحكاية بشكل اخر للمحققين اليابانيين

 يبدو ان هذه الحكاية تحتمل أوجه متعددة, يبقى السؤال نفس السؤال: أي الحكايتين تفضل؟ **

يبقى ان اشير الى ان الرواية التي اقتبس منها هذا الفيلم, تذكرني كثيرا برواية شهيرة اخرى للكاتب الامريكي ارنست همنغواي, تتشابه معها بالاحداث كثيرا, هي رواية الشيخ والبحر, تحكي قصة صياد عجوز تقوده الحظوظ الى اصطياد سمكة كبيرة, ثم يجرفه التيار بعيدا عن الشاطئ, فيبقى هو والسمكة, في حوار عميق , ليعود بعد ان تأكل اسماك القرش سمكته التي اصطادها, وقد فاز همنغواي بفضلها على جائزتي نوبل و بولتزر للادب, وهي الاخرى قد جسدت كفيلم تحت نفس العنوان عام 1990 وقام ببطولته انطوني كوين


هنا رابط الفيلم
http://www.imdb.com/title/tt0100288/
 وهنا مقطع قصير منه
http://www.youtube.com/watch?v=bK-xh-WBYPM 

 

-----------------------------------------------------------
* اظن ان اسم باي يحمل ايضاً معنى معين ولم يتم اختياره اعتباطاً, لكني لا اعرف ماهو
* * هذه مجرد افكار متفرقة حول الفيلم كتبتها بعد مشاهدته






0 التعليقات:

إرسال تعليق

من أنا ؟!

صورتي
shalan
عندما أعرف سأخبركم !
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

آخر التغريدات من تويتر

ارشيف المدونة

مدونة محطات سابقاً

المشاركات الشائعة

للتواصل