04‏/07‏/2022

الصدع الغربي الكبير


الحرية، المساواة، الإخاء. أحد أشهر الشعارات في القرون الماضية. رفع خلال الثورة الفرنسية متبوعا بالتلويح بالموت، وعندما شبع الفرنسيون منه حاولوا التخلص من كلمة الموت والاكتفاء بالثلاث الشهيرة.
عندما نستعرض هذا الشعار اليوم نجد الكلمتين الأولى والثانية مازالت متداولة بشكل كبير، إلا أن الثالثة كادت أن تختفي إن لم تختف فعلا. ويبدو أن هذا الأختفاء له جذور قديمة، فشامفور الأديب الفرنسي المعروف بعد أن فقد حماسه للثورة ومل من صراعات قادتها قال معلقا على هذا الشعار: أن الأخوة يبدو أنها أصبحت "كن أخي وإلا قتلتك".
دخلت فرنسا بثورتها ومعها الغرب كله في القرن التاسع عشر بتباشير هذه الشعارات مترافقة مع ثورات علمية وازدهار للصناعة والنقل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، واختتم هذا القرن ببدايات انشقاق وصراع بين شقي الشعار الأولين، الحرية والمساواة، ثم وبعيد الحرب العالمية الأولى أصبح الشق واضحا، ثم ازداد في التعمق بين معسكرين يرفع أحدهما شعار الحرية، والآخر شعار المساواة، واختتم القرن وكأنما غلبت الحرية المساواة.
ذكر كثير من الباحثين صعوبة الجميع بين الحرية والمساواة في معادلة واحدة، فإما أن تطلق أحدهما وتتجاهل الأخرى، أو تتحكم بالأثنين، وهنا قد تفقدهما معاً.
غرد الرئيس الأمريكي يوم أمس بلهجة متوعدة طالباً من ملاك محطات البنزين تخفيض الأسعار إلى ما يقارب سعر التكلفة، والآن وفوراً. فكانت جل التعليقات عليه بما في ذلك تعليق من بل غيتس، أننا لسنا في بلد شيوعي، وأن هذا المنطق هو فهم قاصر لأساسيات حرية السوق.
الشق الفاصل بين الحرية والمساواة شق بجذور عتيقة، وعسيرة على الأجتثاث، فلا تكاد تنمو أحداهما قرب الأخرى. وهذا الشق يزداد ويتعمق في زمن الأزمة، وإن استمرت الأزمات فلابد من تقديم احداهما تضحية على مذبح الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق